تخيل ان غرفة مظلمة بها بعض الكائنات بعضها مفترس و البعض الاخر اليف، و جمع بين النوعين مكان واحد مظلم لفترة طويلة. بحكم الطبيعة ستكيف كل هذه الكائنات من نفسها لتتعايش مع هذا الوضع، و تتكون شبكة من المصالح و المنافع لكل نوع من الكائنات. و علاقة مصلحة غير مباشرة بين الطيور الاليفة المطالبة بالحرية و بين الكائن المفترس.
فجاءة و وسط إستغراق الكائنات الاليفة في مطالبها بالحرية، يأتي من يفتح طاقة ضوء صغيرة في هذا المكان المظلم.. توقعوا ماذا سيكون رد فعل الكائنات الموجودة بالغرفة.
الطبيعي أن طائر الظلام المفترس سيغضبه هذا الامر، و يحاول إغلاق هذه الفتحه بشتى الطرق. المفاجأة ستكون من الطيور الاليفة التي طالما طالبة بالحرية.. ستكتشف انها من طول الاستكانة انها عاجزة عن الطيران، لانها تقدمت في العمر و كونت لنفسها شبكة مصالح ظلامية، بإختصار ستجد أنها و الطائر المفترس اصبحوا كيان واحد.
هذا المثل ينطبق الى حد كبير على الوضع السيالسي القائم الان في مصر، أحزاب المعارضة القديمة و المؤسسة الدنية و جماعات المصالح و شبكات الفساد و المستفيدين من نظام مبارك.. وجدنا كل هؤلاء يعلنون التاييد لمبارك و بحماس. بالطبع فان كل جماعة منهم لها اسبابها الخاصة التى تبدو منطقية في بعض الاحيان لكن السبب الرئيسى هو ما ان كل هؤلاء يشعرون في الاوعى لديهم بالخوف من التغيير، و الخوف من الديموقراطية لانها سوف تطالهم و ستفتح عليهم ابوابا مغلقة.
و تستطيع ان تفسر لماذا ايد كل من الجماعات التي سبق ذكرها لماذا ايدت مبارك في اطار القصة السابق ذكرها. فهذه الكائنات تتلفت حين يدخل الضوء فتجد ان الضوء كشف عواراتها، و تجدها غير على الخروج لانها اصبحت لا تجيد التعامل مع الوضع الجدبد.. إن مكانتها التى بنتها كطير داجنة أصبحت مهددة، غالوقت غير كاف لها لتبني شبكة مصالح جديدة.
لا تندهش حينما حينما ترى ان هذه الطيور تحاول بطريق مباشر او غير مباشر ان تغلق نافذة الضوء.
المتأمل للاوضاع الاوضاع و العلاقات خلال فترة الانتخابات الرئاسية سيجد نوعيين من الناس:
الاول هم النظام القديم و رفقائه بما فيهم احزاب المعارضة القديمة الرئيسىة و الصغيرة الطفيلية. الكل بدا يمثل دوره باتقان قد يكون غير متفق عليه مع النظام.
حتى حزب الوفد مثلا الذي خاض معركة الرئاسية بناؤ على طلب من النظام الحاكم على حد تصريح رئيسة الدكتور نعمان جمعة في المؤتمر الصحفي الذي أعقب الانتخابات الرئاسية, و كان اكثر ما يؤلم جمعة ليس خسارته الانتخابات بل حصوله على المركز الثالث و تفوق حزب الغد الوليد عليه.
و خلال المؤتمر الصحفي كشفت زلات لسان جمعة صدق نظريتنا حين قال "لقد أخلصنا الى التجربة الانتخابية اكثر من الحزب الوطني!!!" و قال "لم يكن الرئيس مبارك بحاجة الى التزوير لكي ينجح، فنجاحة كان مؤكد!!!"
كما أن رئيس حزب الوفد الذي يدعوا الى الديموقراطية لا يطبقها في حزبه و يدير الحزب باسلوب ديكتاتوري، و يشجعه على ذلك ان القانون المنظم للاحزاب و النظام الحاكم يحمية بطريقة مباشرة و غير مباشرة.
حتى الاحزاب التي قاطعت الانتخابات و بالرغم من وجاهة وجهة نظرها فهى تخاف بطريقة اخرى من المشاركة، حيث خشيت ان يكشف نزولها الى الشارع ضعفها. هى تريد الحرية لكنها تخشاها، و قد تفكر انها مع الوقت سوف تستعيد لياقتها في الطيران.
و ان كانت الاحزاب الثلاث الرئيسية هى قوي سياسية لها خبرة و تاريخ سياسي الا ان الركود السياسي اثر عليها، فهناك الكائنات الطفيلية التى نمت و ترعرعت في ظل الظلام السياسي، هؤلاء مثل الاحزاب الورقية التى لعبت دورا مهما بالنسبة لنظام في الانتخابات الرئاسية، حيث جعلوا الانتخابات مثار سخرية المصريين و جعلهم يقتنعون بانه لا يوجد بديل للنظام مبارك.
جماعات المصالح و الفساد خاضت معركة شرسة من أجل دعم مبارك. لانها ترى مصالحا في ظل نظام الفرد الحاكم، و كما قال لى احد رجال الاعمال ان الديموقراطية ضد مصالحه لانه بامواله يستطيع عمل كل شئ و تخليص اي مصلحة.
و بالطبع امبروطورية الفساد في المحليات تدرك مدي خطورة الديموقراطية على مصالحها، فاعضاء المجالس المحلية لا ياتون الى واقعهم عن طريق انتخابات حقيقية بل عن طريق رضاء الحزب و الحاكم، و ليس عن طريق الشعب الذي يملك عزله و الرقابة عليهم.
الرغيب للبعض كان موقف الكنيسة القبطية الارثوذكسية التي أعلنت تاييدها لمبارك حتى فبل ان تعرف من هم المرشحون الاخرين، وتسأل البعض لماذا واضعا الكثير من علامات التعجب. فالاقباط تحديدا عانوا خلال فترة حكم مبارك و من سبقوه من حكام يوليو، ما لم يعانوه من قبل، و جدنا البابا شنودة يسوق حجة غير مقنعة في اسباب تأييده لمبارك، و كان يفترض بحكم كونه راهبا الا يشارك في ابداء رايه لما لهذا الراى من تبعات اهمها تكريس مبدا الطائفية.
و لمن اخذتهم الحيرة في تفسير موقف قيادلت الكنيسة ان يتذكروا المثل السابق ذكره، فبالرغم مما عاناه الشعب القبطي خلال فترة حكم مبارك الا ان النظام تعامل مع رجال الدين الاقباط باعتبارهم ممثلين عن الاقباط، و ساعد المناخ الطائفي على إعطاء رجال الدين المسيحي مكانة سياسية الى جانب المكانة الدينة التى تعطيهم سلطات روحية مطلقة، و اصبحت الديموقراطية تعنى بالنسبة لهم بروز قيلدات مسيحية مدنية تتولى هى الحديث عن مشاكل الاقباط و بالتالى تسحب البساط من تحت أقدتمهم كما ان جو الديموقراطية و الحوار الذي يضع كل شئ للنقد هو شئ غير مريح للنظام الكنسي المبني على الطاعة و القبول بما يقوله رجال الدين.
1 comment:
مقالة رائعة جدا جدا يا مجدى... بس الغريب أنه بعد مرور خمس سنوات لايزال الوضع كما هو عليه
Post a Comment