استغرقت ثورة 1919 أربع سنوات لانتزاع بعض مطالب الثورة، وعلى رأسها الدستور، من المحتل البريطاني العنيد. كان الكفاح السلمي هو السبيل، مثلما كان سبيل غاندي ولوثر وماندلا. نحن نتعامل مع محتل داخلي فاسد هو المجلس العسكري، وريث نظام يوليو، لكن الضغط الأخلاقي وسلمية الاحتجاجات هو ما سيجعل الغالبية العظمى من الضباط والجنود تقف إلى جوارنا، ومع استمرار المطالب والإصرار عليها سيحدث التغيير، ليس بيدنا فقط ولكن بيد أخوتنا في الجيش أيضا، فغالبيتهم غير مستفدون ويعانون مثلنا!
والمطلوب الأن عمل وقفة لفرز النخبة السياسية والثقافية بعد عام ونصف من الثورة، وقفة للفرز واستجماع الطاقات، فهؤلاء الذين تم تصنعيهم على يد مباحث أمن الدولة والمخابرات العامة، مكنوا، من خلال المنابر الإعلامية التابعة للنظام، وأصبحوا متحدثون بإسم الثورة. لا يغرنكم من يزايد في الشتيمة، الفيصل في المواقف السياسية، وقد أظهرت لنا الأحداث كيف ضلل هؤلاء الشارع مرارا وتكرارا.
وإذا كان المجلس العسكري والقوى المعادية للثورة قد تمكنوا من السيطرة عليها من خلال نخبة مخترقة وإعلام ممول من كبار المستفدين من النظام، فعلينا أن نصنع نخبتنا، وإعلامنا المستقليين. نحتاج قيادة سياسية غير مخترقة للحديث بإسم الثورة، ومنابر إعلامية لا تتلاعب ببوصلة الحركة السياسية وتوجهها لتضيع المجهود في نقاشات جانبية.
حزب "الدستور" قد يكون نواة لما نتحدث عنه، لكن للأسف البرادعي لم يتعلم من أخطاءه، حين تعاون مع أشخاص مخترقين أمنيا، بداية بمجموعة الثلاثين مخبر التي زارته في منزله عقب عودته لمصر، وفرضت عليه تكوين الجمعية الوطنية للتغيير، وورطوه في خلافات جانبية لتبديد المجهود، ثم قبضوا الثمن لاحقا، وحين أدرك هذا وقرر التعامل مع الشباب، كان في انتظاره من أدعى قيادة حملة دعمه، ثم قبض الثمن سواء من أصبح منهم عضوا في مجلس الشعب ، أو من فتحت له قنوات الفلول... الخ وللأسف فكثير من قيادات حزب الدستور ليست فوق الشبهات في علاقتها بالأمن، حتى من يبدو منهم أن له تاريخ نضالي، فأجهزة الأمن لدينا بارعة في عمليات السيطرة والابتزاز، المطلوب قيادات جديدة، نفرزها نحن ونقدمها من خلال منابر إعلامية ، لا من يتم اختيارهم بواسطة إعلام أمن الدولة. قيادات لم تحصل على مكاسب، فمن عين في مجلس قومي، أو من لديه برنامج تلفزيوني، لم يحصل عليه بمجهوده، فلا أحد في ظل هذا النظام يسمح له بالحصول على شيء ما لم يدفع ثمنه!
وأخيرا، فمهما كان حجم اختراق النخبة فهناك 20 مليون مصري تواق إلى التغيير، هؤلاء هم رصيدنا الحقيقي بوعيهم السياسي العالي سيفرزون نخبتهم إن آجلا أم عاجلا!
هذه رسالة أرجو أن تصل إلى البرادعي، حتى لا نضيع مزيد من الوقت في التعلم من الأخطاء.
هذه رسالة أرجو أن تصل إلى البرادعي، حتى لا نضيع مزيد من الوقت في التعلم من الأخطاء.
No comments:
Post a Comment