Wednesday, January 04, 2006

هنا قتلت الحرية


الامن نفذ عملية هرم الموت و قتل الاجئين السودانببن تحت الاقدام
استضفنا اللاجئين الفلسطنين و حاربنا عنهم. و قتلنا اشقائنا السودانين تحت الاحذية

القاهرة-4-1-2006
في مشهد مروع قتلت الشرطة المصرية اكثر من 50 لاجئ سوداني جاءوا يحتمون في ديارنا من قسوة الحروب الدائرة في بلادهم و التى حصدت ملايين من اهل السودان، لكنهم وجدوا ان بلادنا جحيما لا يقل عن جحيم بلادهم التى استنزفتها الحروب، بينما استنزفنا نحن الاستبداد. وجدوا بلد يعيش بالرغم من البطالة و انتهاك انسانية مواطنيه كل يوم دون ان يصرخ احد او يحتج.
و بغض النظر عن الملابسات الخاصة بمطالب السودنين و موقف مفوضية الامم المتحدة لشؤون الاجئين. فما حدث يمثل جريمة مكتملة الاركان ضد الانسانية ننتظر الا تمر كما مر قبل ذلك قتل المصريين في الانتخابات و انتهاك اعراض الفتيات في مظاهرات حركة كفاية. و اشعال نار الفتن الطائفية و مشاهدة لهيبها ياكل ارواح الاقباط. فما فعله السودانين وسيلة للاحتجاج و لم نسمع ان احد يعتصم و يضرب عن الطعام فياتي الامن و يقتله.
و حسب شهود عيان للواقعة، لم يلقي السودانين اى زجاجات خمر كما ادعى بيان وزارة الداخلية، و روى لى شاهد عيان انه سمع احد جنرالات الامن يعطى امرا بتنفيذ عملية هرم الموت ضد معسكر اللاجئين عن طريق وضعهم تحت الاحذية و الوقوف عليهم داخل مخيمهم. بعد ان فشلت المفاوضات معهم لاخلاءهم من امام مسجد مصطفى محمود، و فشل رشاشات المياه الساخنة التى فتحت عليهم في الفجر، و قال احد الجنرالات مازحا: هؤلاء السودانين اصبحت رائحتهم كريهة بعد ان قضوا ثلاثة ايام بلا استحمام. و لا ادرى من الذي اصبحت رائحته كريهة هل هؤلاء العزل ام النظام الفاسد الذى وضع اسم بلد باكمله في الوحل، و اصبح المصريين سبة بسببه في العالم كله.
و لم يكتف الامن بإراقة دم اللاجئين السودانين العزل بل مضى في المسلسل الذي نعرفه جميعا في محاولة خداع الراى العام، مدعيا ان اللاجئين قاموا برشق قوات الامن بزجاجات الخمور الفارغة!! و ان مرض الايدز ينتشر بينهم. و ذلك حتى يضمنوا ان الشارع المصري سينظر الى الامن باعتباره فعل خيرا بقتل هؤلاء الفاسقون الذين يشربون الخمر، و يرتكبون الفاحشة، و يتغاضوا عن ان هؤلاء الاجئين كانوا مضربون عن الطعام، و يفترشون العراء في ظل الصقيع لعدة ايام.
و كان الغريب في الامر هو رد فعل الشارع المصري الذي انحاز للتصرف الامنى و راى ان هؤلاء السود يستحقوا ما حدث لهم عاى ايدي الامن. و كان النظر الى القضية من منطلق ديني عنصري حيث نظر المصريون الى الاجئين السودانين باعتبارهم مسحين و عبدة اوثان لا يستحقوا التعاطف معهم، في حين استفنا الاحئين الفلسطنين على الرحب و السعة.
لم يخرج للاحتجاج على ما حدث سوى عدد قليل جدا من المصريين الذين في اغلبهم نشطاء حقوقين. كما لم يخرج غالبية المصريين للاحتجاج على اى من الانتهاكات التى حدثت في حق المصريين انفسهم. حتى تشعر و انت تسير في مظاهرة لحركة كفاية تطالب بالديموقراطية و انهاء الحكم الاستبدادي، او مظاهرة للتضامن مع الدكتور ايمن نور، ان المواطن المصري ينظر الى هؤلاء المتظاهرون باعتبارهم اناس من بلد اخر، و لا شأن لنا بما يطالبون به.
و هؤلاء المواطنين تجدهم مستعدون للموت اذا كتب احد كتاب ينتقد عقيدتهم، او يمس دينهم، و يجهلون ان الدين يدافع عنه الله، لكن الوطن هو ما ينبغى ان نهب للدفاع عنه، و نقف امام من ينتهكوا حرمة مواطنيه.
هؤلاء الاجئين يجدون معاملة عنصرية من قبل الشارع المصري و كم من السخرية من لون بشرتهم و نبذهم، تفوقنا به على الدول الاوربية التى اتهمت بالعنصرية.
لقد كان لى الحظ ان اقترب من مشاكل اللاجئين السودانيين خلال عملى الصحفى، و علمت الوضع السئ الذي يعيشون فيه في بلد يعاني من الفقر و البطالة، و قالوا لى : نحن لا نطمع في ان نستقر في جنة بلادكم! فقط نعتبر بقاءنا هنا فترة مؤقتة حتى توفر لنا مفوضية الاجئين بلدا اخر تحترم فيه حقوق الانسان لننقل اليه او نعود الى بلادنا.
و هنا اتذكر مقولة احد الاصدقاء الاجانب الذي راى فينا نحن المصريين شعب عنصري و له الحق في ذلك. فليس غريبا تعاطف المصريين مع هتلر و النازية ابان الحرب العالمية الثانية. نحن عنصريين بالرغم من واقعنا السئ. عنصريين في نظرتنا الى الدين، نعتقد اننا عقيدتنا سواء الارثوذكسية او الاسلامية هي الافضل. و اننا نحمل الايمان المستقيم ، وافضل اجناد الارض، و افضل امة اخرجت للناس، بلا اى دليل او مبرر، حتى ان الله انتهرنا نحن المصريين على ذلك كما جاء في سفر اشعياء النبي "كيف تقولون لفرعون انا ابن حكماء ابن ملوك قدماء. فاين هم حكماؤك ليخبروك ليعرفوا ماذا قضى به رب الجنود على مصر.."
و السؤال متى نتضع و نعود ليرحمنا الرب، و متى ندافع عن بلادنا و حريتنا ليرحمنا العالم الذى ينظر الينا الان على اننا خطر يهدد حضارته.