Saturday, April 07, 2012

هل يكلف ترشح الإخوان لرئاسة مصر ضياع حلم الأمبروطورية الإسلامية؟




مجدي سمعان
حلم جماعة الإخوان المسلمين التي ترابط خلفه منذ صاغه حسن البنا، مؤسس الجماعة، هو تكوين الفرد المسلم والأسرة المسلمة، والمجتمع المسلم، ثم الحكومة الإسلامية، فالدولة فأستاذية العالم وفقاً للأسس الحضارية للإسلام. ينظر قطاع داخل الجماعة إلى قرار ترشيح نائب المرشد العام خيرت الشاطر للمنافسة على منصب الرئاسة بإعتباره خطأ استراتيجيا قد يهدم ما عملت الجماعة على بنائه منذ تأسيسها عام 1928.

فبخلاف أن الشاطر لا يتمتع بالشخصية الكارزمية التي تساعده على حسم المعركة لصالحه، فحتي في حالة النجاح سيكون علي الجماعة مواجهة مشاكل دولة معرضة للإنهيار، وغير جاهزة لإجبار الناس على الخضوع لأحكام الشريعة الإسلامية، وفي حالة الفشل سيخسر التيار الإسلامي النصر الذي حققه في الانتخابات البرلمانية، وسيؤثر ذلك على صورته، وقد يضيع المكاسب التي حققها خلال سنوات من العمل الدؤوب.
عبر الدكتور محمد البلتاجى، عضو المكتب التنفيذى لحزب الحرية والعدالة، عن هذه المخاوف في تعليق كتبه على صفحته على موقع فيس بوك قائلا: "الإخوان وقعوا فى الفخ بترشيحهم المهندس خيرت الشاطر" وأضاف: "من الظلم للوطن وللإخوان أن يتحملوا وحدهم مسؤولية الوطن كاملة فى تلك الظروف الحرجة، من مجلسى الشعب والشورى، إلى الجمعية التأسيسية للدستور، وحتى الحكومة والرئاسة».
وتابع: «أنا فى غاية القلق على مستقبل الوطن، ومستقبل التيار الإسلامى الذى أرى أن أطرافا تسعى لتوريطه، وإفشال تجربته، لتتخلص منه سريعا، بعد أن عاشت الأمة أجيالا وراء أجيال تعلق عليه آمالا، وتنتظر أن يأخذ فرصته، ليقيل الأمة من عثرتها ويحقق لها نهضتها».
حلم السيطرة الكاملة على المجتمع وإعادة أمجاد الأمبروطورية الإسلامية يتربي عليها الإخوان المسلمين منذ نعومة أظافرهم حين يلتحقون بالجماعة في شكل تروس صغيرة تعرف جميعا هدفها ووجهتها. استخدمت قيادة الجماعة منذ حسن البنا كافة الأساليب الممكنة للوصول إلى مرحلة التمكين هذه. كان عليها لتحقيق غايتها الأولية في أسلمة الفرد والمجتمع التحالف مع الحكومات المتعاقبة، وعقد الاتفاقات معها، في بعض الأحيان كانت هذه الاتفاقات "قذرة" كمفاوضة نظام مبارك قبل سقوطه والانسحاب من ميدان التحرير، أو مسايرة المجلس العسكري في خطته للسيطرة على الثورة في مقابل الخدمات التي حصلوا عليها في الانتخابات البرلمانية من تغاضي العسكر عن خروقات تخل بنزاهة العملية الانتخابية، مثل تخطي سقف الإنفاق في الدعاية الانتخابية، واستخدام شعارات دينية وطائفية بالمخالفة للقانون. وقد نجحت الجماعة بنهاية عهد مبارك في الوصول إلى أسلمة المجتمع، وبقي أمامها حلم إقامة الحكومة الإسلامية، لكن الجماعة التي كان يبدو أنها راضية باقتسام السلطة مع العسكري فجأة قررت السعي للسيطرة على السلطة والوصول إلى مرحلة التمكين.
ممارسة الإخوان البراجماتية طيلة العام الماضي انتهت بتحول المتظاهرين في ميدان التحرير يوم الاحتفال بالذكري السنوية لانتفاضة يناير للهتاف ضد الإخوان ومحاولة طردهم من الميدان، كما أن ممارستهم البرلمانية أدت إلى انخفاض شعبيتهم وجعلت قطاع كبير ممن انتخبوهم يندمون على التصويت لهم.
الإخوان وجدوا أنفسهم أمام موقفا صعبا، فرض عليهم قتال كانوا يرون أن موعده لم يحن بعد. لكن القرار جاء كأفضل الحلول لخيارات صعبة وجدت الجماعة نفسها مضطرة للمفاضلة بينها، فمع إقتراب الانتخابات الرئاسية، كان عليها إعلان تأييدها لأحد المرشحين غير الإسلاميين، كما وعدت عقب انتفاضة يناير، لكن الأسماء المطروحة من غير الإسلاميين لم تكن لتقنع قواعد الجماعة خاصة في ظل ترشح الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، عضو مكتب الإرشاد الذي فصلته الجماعة من عضويته بعد أن أعلن نيته الترشح للرئاسة عقب الانتفاضة، ووجود مرشحين إسلاميين آخرين ذو شعبية بين قواعد الجماعة مثل حازم صلاح أبو إسماعيل، المحسوب على التيار السلفي، والدكتور محمد سليم العوا، المفكر الإسلامي المعروف. وكان تأييد مرشح من خارج التيار الإسلامي سيؤدي إلى انقساما حقيقيا داخل صفوف الجماعة.
وفشلت محاولات الجماعة للخروج من هذا المأزق بإقناع شخصية مدنية ذو ميول اسلامية بالترشح، لتكون مقنعة لقواعدها وللمجلس العسكري في ذات الوقت، فأجرت اتصالات بكلا من المستشار حسام الغرياني، رئيس المجلس الأعلى للقضاء، والمستشار طارق البشري، رئيس اللجنة المشرفة على التعديلات الدستورية، لكنهما رفضا.
بدا أن الجماعة مترددة في اتخاذ القرار، ولم يكن قراها نابعا من استراتيجية متفق عليها وإنما حلا لمأزق وجدت نفسها فيه، وترغب من خلاله المناورة الحصول على مزيد من المكاسب. لكن بالرغم من أن تسبب في خلافات داخل الجماعة إلا أنه سيضمن لها وحدة الصف، بعكس ما إذا كان القرار هو مساندة مرشح علماني.
كان رأي تيار من داخل الإخوان، معظمه من الشباب، هو أن تنئ الجماعة عن المنافسة السياسية وتظل تعمل من خلف الستار، فلا يكون هزيمتها هزيمة للتيار كله، ويفضل هذا التيار أن تأتي حكومة غير إسلامية، أو حكومة مختلطة لإدارة شئون البلاد في المرحلة الحرجة التي تواجه خلالها البلاد مشاكل يصعب على أي فصيل سياسي مواجتها، وتستمر في الوقت ذاته وتيرة اسلمة المجتمع التي طبقتها الجماعة بكفاءة عالية، إلى أن يحين الوقت للقفز على السلطة وتطبيق الحل الإسلامي والإنطلاق لنشره لاستعادة الخلافة الإمبروطورية الإسلامية. لكن هذا الحلم بات مهددا، وهذا الشعور بالخطر قد يدفع التيار الإسلامي المنقسم الآن إلى تجاوز خلافاته، والتوحد لإجتياز الاختبار.

No comments: