Sunday, February 12, 2006


الإصلاح يبدأ بإلغاء المادة الثانية من الدستور
كيف يطالب الإسلاميين بالديموقراطية و يهددون بالحرب لمن يختلف معهم،،
مجدي سمعان
شهدت المناقشات خلال منتدى الأصلاح الذي عقد مؤخرا في جريدة الأهرام جدلا حول المادة الثانية من الدستور و الخاصة بان الشريعة الأسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، ففي حين أيد الكاتب الصحفي سعد هجرس و حافظ أبو سعدة خاصة أن المادة تخالف بعض الأتفاقيات الدولية، دافع د. جعفر عبد السلام عن وضع المادة مؤكدا أن الشرائع الأخرى ليس لها أحكام في تنظيم المعاملات.
و يحاول الإسلامين مصادرة الحوار حول هذا الموضوع بالتصريح بأن أي حديث عن إلغاء هذه المادة سيتسبب في حرب أهلية، و بغض النظر عن عدم مسؤولية من أطلقوا هذه التصريحات و بعضهم ممن ينادي بلاصلاح بملء شدقيه، فإن هذا التصريحات تشكك في دعوة الاسلامين الى الأخذ بالنظام الديموقراطى، فكيف تطالب بالديموقراطية و تأتى حين يرغب الأخر في مناقشة قضية ما و تهدده بالحرب.
لنواجه الأمر و نتختار الأن: بين ان نطالب بالنظام الديموقراطي كما هو. أم نكف على المطالبة به و نتختار مسميات جديدة لما نريد. و ليس بغريب أن كلمة الديموقراطية دائما ما تقترن بكلمة النظام ، فنقول النظام الديموقراطي، و كلمة نظام تعنى أن للديموقراطية أركان و كما في أى نظام –كالنظام الكونى أو النظام البيئى ..- فإن غياب أحد العناصر في المنظومة يؤدى الى الإختلال.

فالنظام الديموقراطي بناء متكامل يعتمد على عدد من الأساسيات، التى اذا غاب إحداها لا نستطيع أن نطلق على ما نحن ايذائه ديموقراطية.
و أول هذه الأسس هى المواطنة، بمعنى أن كل من يحمل جنسية البلد يكون متمعا بحقوق و واجبات متساوية مع الجميع و ذلك بغض النظر عن لونه أو دينه أو عرقه.. و حيث أن الشريعة الأسلامية لا تساوى في الحقوق و الواجبات بين "المؤمنين" و غير المؤمنين. و تفرق بين أصحاب العقائد حيث تضع لأهل الكتاب أسلوب في المعاملة و أسلوب اخر لأصحاب الديانات الوثنية، و آخر للملحدين. فإن مواطنة أصحاب العقائد الأخري ستكون منقوصة في ظل الشريعة الاسلامية.
كما أن مواطنة المرأة في ظل الشريعة الإسلامية هى مواطنة منقوصة أيضا، حيث أن الحقوق و الواجبات التى تقرها الشريعة الأسلامية للمرأة تختلف تماما عن تلك التى تتمتع بها المرأة في ظل النظام الديموقراطي و المواطنة. و الأمثلة كثيرة على ذلك أيضا و لكن سأكتفى فقط بالأشارة الى حق المرأة في الميراث إذ تنص الشريعة الإسلامية على أنه نصف حق الرجل. و شهادة المرأة أمام القضاء تحسب نصف شهادة. و حق الرجل بأن يجمع بين أكثر من إمرأة...
هذا بالنسبة للمواطنة كاحد أركان النظام الديموقراطي. نأتى الى حقوق الأنسان كركن آخر من أركان الديموقراطية. و علاقتها بالشريعة الأسلامية. هناك قائمة أخرى طويلة من الموضوعات التى نجد فيها تعارض بين حقوق الانسان و بين الشريعة اللإسلامية. فعلى سبيل المثال حق الانسان في الأعتقاد ليس متاح في الشريعة الأسلامية التى تمنع تغير الفرد لديانته الاسلامية و التحول الى ديانة أخرى و تعتبره في حكم المرتد. كما تضع قواعد للتدين و من يتخطاها يصبح كافر تجوز معاقبته.
أما حق التعبير فتضع الشريعة الإسلامية الكثير من الخطوط الحمراء عليه، و الأمثلة لدينا حية و كثيرة حول المظاهرات التى تخرج بين الحين و الآخر إحتجاجا على عمل أدبي أو فني. و قضايا الحسبة التى تحاسب الفرد على أفكاره.
و أضف الى ذلك الكثير من الأشياء المتعلقة بالحريات، اللتى هى الركن الأساسي في النظام الديموقراطى حيث تكون شبه مصادرة في النظام الأسلامي. سواء الحرية الفردية أو حرية الإبداع...
و كما ترون فإن الإشكالية فيما يتعلق بمادة الشريعة الإسلامية لا تتعلق بالأقباط وحدهم و لكن تمس حرية معظم المواطنين.
و القول أيضا بأن مادة الشريعة الأسلامية هى مادة معطلة بناء على حكم المحكمة الدستورية العليا
و أن بقائها لن يؤثر في القانون المدني، هذا أيضا نوع من خداع الذات، فنحن إما أن نأخذ بالنظام المدنى أو لا و لا نترك الامور معلقة . فهناك سلسلة طويلة من الأحكام القضائية التى رجع فيها القضاء الى الشريعة الأسلامية، و كان بعضها نوع من التميز الصارخ ضد مواطنين مصريين. و هناك أمثلة كثيرة على رفض المحكمة حضانة أسرة لقاصرة تركت منزلها هربا مع أحد الشباب المثلمين، مع أن القضاء لا يجيز هذا في حالة الفتاة المسلمة، و تعاد القاصر الى منزل أسرتها، بل يعاقب الشخص بتهمة التغرير بقاصر. و هناك مثال آخر لسيدة هربت من زوجها و ذهبت للأقامة مع رجل آخر في منزله، و تزوجها و هى لاتزال على ذمة رجل آخر، و حينما ذهب زوجها إلى المحكمة حكمت المحكمة بتطليقها من زوجها الشرعيي و بقائها مع زوجها غير الشرعي، و قد أعمل القاضى في هذه الحالة الشريعة الاسلامية التى ترفض "عودة الزوجة الى دين الكفر بعد أن إهتديت إلى الأسلام" طبقا لنص الحكم القضائي الذي صدر في قضية السيدة وفاء عدلى من المعصرة بحلوان. و طبقا للقانون الذي يطبق حينما يكون الطرفين مسلمين فأن هذه السيدة تعتبير في حكم الزانية. و يعاقبها القانون أيضا بتهمة الجمع بين زوجين.
هذا بالإضافة تاى قضايا الحسبة التى يتم فيها إعمال الشريعة الأسلامية و قضية الدكتور نصر حامد أبو زيد ليست ببعيدة.
إذا نحن الأن أمام خيارين إما المطالبة بدولة ديموقراطية بكل ما تعنى هذه الكلمة من دولة يسود فيها القانون المدني المبني على المواثيق العالمية لحقوق الإنسان و دولة المواطنة التى لا تميز بين مواطنيها في أي وجه... ألخ
أو دولة الشريعة الأسلامية التى بالطبع ستجعل هناك غبن و تميز واقع على قطاع كبير من المواطنين سواء الأقباط أو العلمانين، أو المرأة. و ليس فيها من الديموقراطية سوى الأخذ بصندوق الانتخابات فقط.
و مما سبق فلست في حاجة الى الرد على مقولة ان عدم وجود شرائع لدي الديانات الأخرى يبيح تطبيق الشريعة الخاصة بطرف على الأطراف الأخرى، خاصة إذا كانت تلك الشريعة تحتوى على تميز ضد الأخر، و تتناقض مع الاتفاقيات الدولية التى وقعتها مصر.
أصحاب كل دين يعتقدون بإن دينهم هو الأفضل و الصحيح، و لا حرج في ذلك طالما أن هذا الأعتقاد لم تفرضه تلك الجماعة على الأخر الذي لا يقبل به.
و نحن الأن نحاول أن نعيد بلادنا الى مصاف الدول الأخرى التى سبقتنا علينا أن نتحلى بالشجاعة الازمة للإصلاح، فالإصلاح دائما و على أى مستوى له ضريبته، و لا يجوز أن نأخذ الأمور باتجزئة، و نغمض أعيننا عن أشياء إن تركناها سنكون كمن يحرث بماء.
الآن القوى السياسية المختلفة مطالبة بإعلان موقفها من مادة الشريعة الإسلامية التى هى بيت القصيد. فهل مشروعات الاصلاح التى تعدها تلك القوة تتضمن إلغاء هذه المادة أم تخشى الإقتراب منها، و تبقى على الوضع الحالى. الذي لا هو دولة مدنية و لا دولة .
magdyeshak@yahoo.co.uk

No comments: