Wednesday, May 09, 2012

موجة غضب غير محسوبة تشوش على الانتخابات الرئاسية





مجدي سمعان
Egypt Source

كانت سيارة ميكروباص لنقل الركاب تسير ببطء في شارع رمسيس بوسط القاهرة بسبب الاشتباكات في ميدان العباسية بين شباب غاضب وقوات الشرطة العسكرية بالقرب من وزراة الدفاع. دار حديث بين الركاب كانت المتحدثة الرئيسة فيه سيدة ترتدي ملابس نساء المناطق الشعبية. عبرت عن غضبها لعودة الاشتباكات. لا تعلم تلك السيدة من يقتل من، وما السبب. كل ما تعرفه أن البلاد لم تجني شيئا من وراء هذا الاضطراب سوى الخراب.
على مدار الأيام الثلاثة الماضية (منذ فجر الأربعاء الماضي) تشهد مصر جولة جديدة من العنف والاحتجاجات ناتجة عن اصرار المجلس العسكري الحاكم على تمرير الانتخابات الرئاسية طبقا لاجراءات تثير شكوك من نزاهة الانتخابات الرئاسية المقرر اجرائها يومي 23 و24 مايو الجاري. 

بدأت الأحداث في الساعات الأولى من يوم الأربعاء الماضي حين فوجئ حوالي مائتي معتصم، غالبيتهم من أنصار المرشح الرئاسي المستبعد حازم صلاح أبو اسماعيل من المعترضين على استبعاد مرشحهم وعلى الاجراءات المتعلقة بإجراء الانتخابات، ببعض البلطجية، الذي اعترف بعضهم بأنه مستأجر، يطلقون النار عليهم، مما أدى إلى اشتباكات اسفرت عن مقتل 11 شخص، وإصابة 168 طبقا للأرقام الرسمية. عقب الأحداث تضامنت عدد من الحركات الشبابية ونظموا مسيرة كبيرة انضمت إلى المعتصمين. وتواصل الاحتجاج يوم الجمعة بدعوة بعض القوى السياسية إلى مظاهرة بميدان التحرير، لكن مجموعة من القوى الشبابية وعلى رأسها حركة 6 أبريل قررت التظاهر أمام وزارة الدفاع بالرغم من تحذير الجيش. تبادل الشباب الاشتباك مع قوات الشرطة العسكرية بالحجارة، ثم استخدمت الشرطة خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين. أسفرت الاحداث عن مقتل شخصين وإصابة قرابة 370 شخص.
النتيجة الأبرز للأحداث هي سحب الانتباه من الانتخابات الرئاسية، حيث انشغلت وسائل الإعلام بما يجري من أحداث على مدار الأيام الماضية. وعلق المرشحين الرئاسيين الإسلاميين والثوريين حملاتهم الدعائية مؤقتا، بينما واصل المرشحين المنتمين للنظام السابق، عمرو موسى وأحمد شفيق حملاتهم. 

المطالب التي تبناها المعتصمون بالرحيل الفوري للمجلس العسكري وتعديل المادة 28 من الإعلان الدستوري قبل 3 أسابيع من الانتخابات الرئاسية تبدو للشارع العادي غير واقعية، وهو ما دفعهم للتعاطف مع المجلس العسكري.

هذه الأحداث ليست الأولى من نوعها فقبل انتخابات مجلس الشعب قامت قوات من الشرطة بالهجوم على حوالي مائتي معتصم بميدان التحرير مما أدى إلى استفزاز النشطاء في أحداث عرفت بإسم أحداث شارع محمد محمود، تلاها احداث مجلس الوزارء، والتي سقط فيها عشرات القتلى ومئات المصابين. أدت هذه الأحداث إلى سحب الأضواء من الانتخابات البرلمانية التي كانت الأحزاب الإسلامية تقوم خلالها بتجاوزات تخل بنزاهة العملية الانتخابية وخاصة في تجاوز سقف الانفاق المالي واستخدام شعارات دينية وطائفية محظورة ساعدتها على الفوز بالانتخابات.
يعتقد البعض أن استفزاز الشباب الغاضب يهدف إلى جر البلاد لحالة من عدم الاستقرار لتأجيل الانتخابات الرئاسية ومن ثم تأجيل تسليم السلطة في الموعد المقرر في نهاية يوينو المقبل. لكن خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده أعضاء المجلس العسكري في اليوم التالي علقت لافتة كبيرة خلف أعضاء المجلس العسكري الثلاثة مكتوب عليها: "القوات المسلحة تلتزم بما وعدت" أكد خلالها اللواء محمد العصار عضو المجلس على أن "الانتخابات الرئاسية ستكون نزيهة 100%" لكن القوى السياسية لديها شكوك في هذا.
هناك سيناريوهان للأحداث المستمرة في القاهرة، الأول هو استمرار الاحتجاجات وانضمام أعداد كبيرة من المتظاهرين للشباب وهو ما سيؤدي إلى الضغط على المجلس العسكري للاستجابة للمطالب المرفوعة وعلى رأسها تعديل المادة 28 من الإعلان الدستوري، التي تحصن قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية من الطعن، والثاني بقاء الاحتجاجات محدودة، وهو ما سيؤدي إلى التشويش على الانتخابات الرئاسية، وتصوير التيار الثوري والإسلامي بأنه فوضوي يسعي لاستمرار حالة عدم الاستقرار التي تشعرغالبية المصريين بتملل منها وتتوق إلى انتهاء المرحلة الانتقالية بإجراء الانتخابات الرئاسية، وهو سيصب في مصلحة المرشحين المنتمين للنظام الحاكم.

No comments: