Friday, September 28, 2012

أوباما..أنت مجرد رئيس أمريكي فاشل

 
 
 
 
 
هذا المقال كتبته في أواخر عام 2008 حين كان شعار أوباما " نعم نستطيع" يفقد مصداقيته. المقال لم ينشر في وقتها وأعيد نشره الآن بمناسبة دعوتي بأن تتخلى الولايات المتحدة عن دعم قوى الإستبداد
 
 
يسير الرئيس الأمريكي باراك حسين أوباما في الطريق الخطأ. توفرت له عوامل قلما تتوفر لشخص أخر، وضعت بيده "الماستر كي" Master Key لفتح طرق كثيرة مسدودة أمام التقارب بين بني البشر لكنه اختار أن يكون رئيسا أمريكيا تقليديا.
 
عندما وقف المرشح الأسود في الانتخابات الرئاسية الأمريكية أمام بوابة براندنبورج على جدار برلين القديم يخطب في مائتي ألف ألماني كأنهم جمهور من ناخبيه، بينما هم ينظرون إليه بإعجاب وكأنه مرشحهم، وحين هتف بعض الحضور له و هو يلقي خطابه إلى العالم الإسلامي في جامعة القاهرة "أنا أحبك" في عاصمة لطالما شهدت مظاهرات ضد الولايات المتحدة، لم يدرك أن لديه إمكانية غير عادية لأن يكون شعاره "Yes we Can" حافزا للتغير في العالم كله و ليس الولايات الأمريكية فقط.
 
اعتبر العالم أن انتخاب باراك حسين أوباما، الذي ينتمي لثقافات و أعراق مختلفة حدثا فريدا لا يصب فقط في مصلحة التغير في الولايات المتحدة فقط و لكن صالح العولمة بوجهه الحسن.
 
تابع مليارات البشر حول العالم الحملة الانتخابية للمرشح أوباما و هو يجني نقطة بعد الأخرى و يهزم منافسته في الانتخابات التمهيدية هيلاري كلينتون، ثم يتغلب على الثعلب العجوز جون ماكين. لقد خلق هذا البث العولمي للانتخابات الرئاسية الأمريكية توحدا وجدانيا حول قيم التغير و الحرية و المساواة و قبول الأخر، و  شعورا بأن هذه الانتخابات لا تخص الأمريكيين وحدهم فقط. كان الناس حول العالم ينتظرون جني ثمار الانتخابات الأمريكية حين ينتصر شعار التغيير، وتهزم العنصرية.
 
كانت لحظة تاريخية حين وضع الرئيس الأسود أوباما يده على الإنجيل الذي كان مقررا أن يحلف عليه إبرام لينكون محرر العبيد.
 
قال، في هذه الليلة مخاطبا العالم: "إلى جميع الذين يشاهدون الليلة من وراء شواطئنا، من مجالس البرلمانات ومن القصور على حد سواء، إلى أولئك المتجمعين حول أجهزة الراديو في زوايا العالم المنسي، أقول إن حكاياتنا قد تكون حكايات فردية، لكن مصيرنا مشترك، وأقول لهؤلاء إن فجرا جديدا لقيادة أميركية أصبح في المتناول الآن"
 
نفس هذا الجمهور في العالم المنسي يتابع خطوات أوباما البرجماتية، و هو يدير ظهره، لثوار الجمهورية الإيرانية المتعطشين للحرية، و يغمض عينه عن انتهاكات حقوق الإنسان في الصين، ويتغاضي عن مطاردة البشير.
 
وكنا نحن المصريون أو من شعر بخيبة الأمل حين كان أول رئيس أجنبي يتصل به أوباما هو الرئيس مبارك الذي يعد رمزا لمقاومة التغيير في العصر الحديث، لقد منحت سياسات أوباما لاحقا الرئيس مبارك قبلة حياة في نهاية حكمه، و تكريم لا يستحقه في فترة حرجة يتوق فيها المصريين للتغيير و يتوق مبارك لتوريث الحكم لنجله.
 
فبالرغم من إنه دعا في خطابه في برلين إلى "هدم الجدران بين الأعراق والقبائل، بين المواطنين والمهاجرين، بين المسيحيين والمسلمين واليهود" و بشر بسقوط نظرية صراع الحضارات في خطاب القاهرة، إلا أن سياسته الخارجية لا تختلف كثيرا عن سياسة إدارة كلينتون، و تقل عن سياسة الرئيس بوش الذي بشر، بشكل أرعن، بالحرية و الديمقراطية. بل أنه لم يلتزم بقيم السياسة الأمريكية الداعمة للحريات.
 
قد يكون مبعث تخلي أوباما عن دعم الديمقراطية هو إدراكه أن أسلافه من الرؤساء الأمريكيين كانوا يستخدمون هذه القيم كشعارات يحققون من ورائها مصالح للولايات المتحدة من خلال الضغط بها على الرؤساء المستبدين للحصول على تنازلات منهم و في نفس الوقت إشباع الرغبة الأخلاقية لدى الشعب الأمريكي تجاه أبائهم في العالم القديم.
 
وقد يظن أوباما أن التغير هو مسئولية كل شعب. قد يكون هذا المنطق مقبول من رؤساء بلاد منكفئة على ذاتها، لكن عوامل عديدة تجعل هذا المنطق بالنسبة لأوباما بمثابة انسحاب و عدم مسئولية فهو مدين لهذه القيم بما وصل إليه و عليه مسئولية أخلاقية، تجاه الشعوب التي كان يعيش معها يوما و ينتمي إليها أبائه، مسئولية تضاف إلى المسئولية التي قطعها الشعب الأمريكي منذ البداية للدفاع عن قيم الحرية و الديمقراطية.
 
لم يكن عليه أن يلوح باستخدام القوة لنشر الحرية و مساندتنا نحن الذين نعيش في أركان العالم المنسي، لكن عار عليه أن يضع يده في أيدي الطغاة، عار عليه أن يصمت حين تقمع شعوب تتوق للحرية. إن القوة المعنوية التي كان سيمنحها أوباما للشعوب المغلوبة على أمرها كانت كافيا لجعل جذوة التغير مشتعلة، و كان سيعيد الشرعية للموقف الأمريكي من قيم الحرية و الديمقراطية.
 

No comments: