Thursday, March 22, 2012

الانتخابات البرلمانية في مصر: لا شيء يوحي إلى ثورتها

مجدي سمعانمنتدى فكرة 6 ديسمبر 2011تشبه أول انتخابات برلمانية تشهدها مصر عقب ثورة يناير وضع خمرا جديدا في إناء قديم، فالشعب عاد بقوة للمشاركة السياسية لكن الأحزاب المشاركة لم تتخلى عن أساليب الانتخابات التي إعتادت عليها. وكشفت الانتخابات أن القوى الثورية لازالت أقلية، وأنه بالرغم من المشاركة غير المسبوقة للمواطنين والتي بلغت 52% فإن شيئا لم يتغير فيما يتعلق بالاستخفاف بإرادة الناخبين. فقد شهدت الانتخابات، التي جرت أولى جولاتها يوم 28 نوفمبر الماضي وتستمر حتى 10 يناير، استمرار كثير من الممارسات القديمة التي عادة ما كانت تشهدها انتخابات عصر مبارك، مثل شراء الأصوات عن طريق تقديم إعانات عينية للفقراء، واستمرار الدعاية الانتخابية خارج اللجان بل وداخلها، وما تم رصده من تلاعب في عد الأصوات، وأضيف إلى الانتهاكات استخدام الدين على نحو واسع لم تشهده البلاد من قبل. كل هذه الانتهاكات تضع علامات استفهام حول نزاهة الانتخابات، وشرعية المجلس الذي سيشرف على وضع الدستور والذي بدأت الدعاوى القضائية للطعن في صحة الانتخابات تتولى عليه. وبالإضافة إلى أنه لازال هناك علامات استفهام تتعلق بمدى احترام التيارات الإسلامية لقواعد اللعبة الديمقراطية، في شقها المتعلق بإحترام الحقوق والحريات الأساسية والمساواة بين المواطنين والقبول بمدأ التنوع، فإنه حتى الجزء الإجرائي للديمقراطية، الذي قبلته تلك التيارات، والمتمثل في الانتخابات، لم يحترموه، وكانت التيارات الإسلامية هي أكثر من ارتكب مخالفات وانتهاكات تمثلت في شراء الأصوات بشكل غير مباشر عن طريق تقديم إعانات للفقراء واستغلال الدين لتصوير أنهم هم من يمثل المسلمين متهمين التيارات المدنية بأنها تمثل تقف في صف المسيحيين، واللعب على الوتر الطائفي. والسؤال، هو: إذا كانت التيارات الإسلامية لم تحترم قواعد اللعبة الديمقراطية، وهي لم تمكن بعد من الحكم، فماذا سيكون الوضع في حالة سيطرتها على زمام الأمور في البلاد؟! وبعد عادت القوة الثورية إلى ميدان التحرير في 19 نوفمبر الماضي، في احتجاجات أعادت إلى الذاكرة وقائع ثورة يناير، وسقط خلال المواجهات التي استمرت لحوالي 10 أيام 42 قتيل وحوالي 2000 مصاب، وذهب البعض إلى تسمية الإحدى عشر يوما السابقة لإجراء الانتخابات بالموجة الثانية من الثورة. وبعد أن كانت الاحتجاجات التي إمتدت في معظم المحافظات قاب قوسين أو أدنى من سحب الشرعية من المجلس العسكري الحاكم، وتنفيذ المطلب الرئيسي لها المتمثل في تولي حكومة إنقاذ وطني مدنية زمام الأمور في البلاد، جاءت الانتخابات لتسحب الشرعية من ميدان التحرير، لتتكسر الموجة الثانية للثورة على عتبة الانتخابات، وتعيد القوى الثورية الديمقراطية إلى المربع رقم واحد. ومكنت الانتخابات المجلس العسكري من زمام الأمور مرة أخرى، وأعطت القوى غير الديمقراطية المتمثلة في الإسلاميين اليد العليا على تقرير مصير دستور البلاد الذي سيحكم قواعد اللعبة السياسية. فالشباب الذي قاد الثورة المصرية في يناير الماضي وخرج في 19 نوفمبر الماضي للإحتجاج مرة أخرى عاد ليصبح في مقاعد المعارضة، وهناك شعور بالمرارة، فرسالة التغيير لم تصل بعد إلى القواعد الجماهيرية التي تلقى بلائمة عدم استقرار أحوال البلاد على ميدان التحرير. وبعد أن كان الشعار "لا صوت يعلو على صوت التحرير" أصبح من يعتصمون في الميدان الآن أقلية محاصرة تشعر أنها هي من قدمت التضحيات بينما يجنى الثمار آخرون يملكون رؤية مختلفة لشكل نظام الحكم، يراه الشباب أنه نوعا آخر من الاستبداد ساير الثورة حتى مفترق الطرق، ويتأهب للقفز عليها. فلانتخابات الجارية بمثابة حصاد لسنوات حكم عسكر يوليو، والتي تم خلالها أسلمة المجتمع المصري وبث روح الطائفية فيه، بعد أن كان يميل إلى الليبرالية والوسطية قبل عام 1952. وحتى في حالة ما تمكنت القوى السياسية من صياغة دستور ديمقراطي يضمن قواعد عادلة وشفافة للمنافسة السياسية فالطريق أمام تلك الأحزاب والتيارات العلمانية لازال طويلا، فالكلمة العليا خلال الفترة المقبلة ستكون للتيارات الإسلامية التي تجد دعما من فلول النظام القديم في الداخل والخارج

No comments: