Thursday, March 22, 2012

الصفقات غير المكتوبة للانتخابات الرئاسية المصرية


مجدي سمعان
EgyptSource
 
المتابع للانتخابات الرئاسية المصرية يكتشف أن هناك صفقات غير مكتوبة يلتزم بها أطراف
اللعبة السياسية، وأهمها عدم انتماء المرشحين الرئاسيين البارزين لأحزاب سياسية، وإجماع
الأحزاب الإسلامية على عدم الدفع بمرشح إسلامي لحكم البلاد. كما يسود اعتقاد بأن
المرشح الذي سيكون له الحظ الأوفر في الفوز بالانتخابات تجري بشأنه مفاوضات في
الغرف الخلفية مع المجلس العسكري.
هذه الصفقات تبدو أنها نتيجة تفاهمات جرت بين الأطراف السياسية في مصر. الإسلاميون راضون
بما حصلوا عليه في الانتخابات البرلمانية من أغلبية برلمانية تمكنهم من الهيمنة على وضع الدستور، والحفاظ على سيطرتهم على المجتمع، ومقاسمة الرئيس المدني السلطة من خلال الأغلبية البرلمانية. لكن الأمر الذي يدعو للريبة هو انسحاب الأحزاب العلمانية من المنافسة واكتفائها بإعلان تأييدها لأحد المرشحيين المستقلين.
 
المرشحون البارزون في الانتخابات لا ينتمون تنظميا إلى أحزاب، وهم يعتمدون في حملاتهم الانتخابية وبرامجهم على مجهوداتهم الشخصية، وهو الذي سيجعلهم في موقف ضعيف، وهو ما سيسهل عملية الضغط عليهم، خاصة من قبل مؤسسات متجذرة مثل المؤسسة العسكرية المهيمنة على الأوضاع في البلاد وجماعة الإخوان المسلمين.
لا تدور المنافسة والمفاضلة بين المرشحين على أساس البرنامج الانتخابي في الأساس،
وأنما ستكون على أساس الانتماء السياسي وخاصة بين فريقين أساسيين، الأول هو الفريق
الذي يمثل الثورة، والثاني هو الفريق الذي يمثل النظام الحاكم، الذي يحاول أن
يحافظ على توزنات القوى محليا وإقليميا بتغيرات طفيفة عن عصر مبارك، أما المرشحون
الذين يعبرون بدرجات متفاونة عن التوجهات الثورية فأولئك الذين ينطوي توجهاتهم على
إحداث تغيرات أكبر في البينة السياسية المصرية وتوازونات القوى المحلية والأقليمية.
 
واللافت إنه من بين المرشحين الذين يدعون تمثيلهم للتيار الثوري لا يوجد مرشح واحد ليبرالي
بارز بعد انسحاب الدكتور محمد البرادعي، المدير السابق للمنظمة الدولية للطاقة
الذرية، كما لا يوجد مرشح يحظى بإجماع التيارات الثورية، بخلاف أنهم أقل راديكالية
من البرادعي في التغيير.
ويغلب الطابع الأيدلوجي على هؤلاء المرشحين فمنهم ثلاثة ينتمون للتيار الإسلامي هم: عبد
المنعم أبو الفتوح الذي انشق عن جماعة الإخوان المسلمين عقب الثورة ليعلن ترشحه
للرئاسة، وهو يمثل الجناح الإسلامي المعتدل داخل الإخوان المسلمين، والثاني، حازم
صلاح أبو اسماعيل، وهو ينتمي للتيار السلفي المحافظ، لكنه في الوقت ذاته يتبنى
توجها ثوريا، والثالث المفكر الإسلامي محمد سليم العوا، الذي يتبنى تفسيرا وسطيا
للإسلام، ولكن تثار حول علاقته بالمجلس العسكري علامات استفهام، حيث كان من
المدافعين عن مواقف المجلس العسكري خلال العام الماضي.
أما ما يسمي بالتيارات المدنية فيمثلها ثلاثة مرشحين بارزين حتى الآن، هم حمدين صباحي،
وهو ينتمي إلى التيار الناصري، والمستشار هشام البسطاويسي، وهو ليبرالي ذو نزعة
ناصرية، والثالث هو المحامي والناشط العمالي خالد علي، وهو يساري ناصري أيضا.
في حين أن المرشحين المنتمين للنظام، أمثال منصور حسن، وزير الثقافة والأعلام في عهد السادات، وعمرو موسى، أمين عام جامعة الدول العربية السابق، وأحمد شفيق، آخر رؤساء وزراء عهد مبارك، لا يمثلون تيارات أيدلوجية بعينها.
أما حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين فيجد صعوبة في
الإستقرار على المرشح الذي يدعمه، في ظل التزامه بعدم دعم مرشح اسلامي، في نفس
الوقت الذي يحظى فيه عبد المنعم أبو الفتوح بشعبية كبيرة بين قواعد الجماعة، فقد
أثارت التسريبات عن نية الحزب دعم منصور حسن، الذي يبدو للكثيرين أنه المرشح
التوافقي الذي يحظي بدعم العسكر، غضب قواعد الإخوان، وهو ما جعل الإخوان يجرون
اتصالات بالمستشار حسام الغرياني، رئيس المجلس الأعلى للقضاء، والذي كان أحد رموز
تيار استقلال القضاء في عهد مبارك، والذي يعرف بتوجهه الإسلامي، لأقناعه بالترشح
للمنصب وهو الأمر الذي لم يحسمه الغرياني بعد.
ويرى كثيرون أن فرص ما يحسبون على التيار الثوري في الفوز بالانتخابات قليلة ما لم ينضم
بعضهم للبعض، على أن يكون أحدهم رئيسا وينضم له اثنين كنواب، وقد جرى الحديث عن
ترشح أبو الفتوح رئيسا وانضمام حمدين صباحي وهشام البسطاويسي إليه كنواب، ولكن
النزعة الفردية تصعب تنفيذ مثل هذه المقترحات.
وذات الأمر بالنسبة لصفقات الرئاسة هناك اتصالات مكثفة تجري في الأبواب الخلفية للتوافق
على الدستور الذي بدأت اجراءات انتخاب اللجنة التأسيسية لوضعه، ويقود هذه التحركات
حزب الحرية و العدالة. وقد جرى ما يشبه الصفقة بين حزب الحرية والعدالة، وقيادات
الطوائف المسيحية في اجتماعات جرت بينهم، توافقوا خلالها على الإبقاء على المادة
الثانية من الدستور التي تنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي
للتشريع في مقابل إضافة مادة تنص على أن "لغير المسلمين الحق في الرجوع لشرائعهم"
وهو اتفاق سيزيد قبضة المؤسسات الدينية على المجتمع، وقد يؤدي إلى تقليص الحريات،
خاصة مع تبني حزب النور السلفي ثاني أكبر الأحزاب تمثيلا في البرلماني توجها يقضي
بتطبيق الشريعة الإسلامية وهو الأمر الذي يرفضه الإخوان الذين يرضون بالأبقاء على
نص المادة الثانية دون تغير.
 
.

No comments: