Wednesday, November 17, 2010

توزيع «منشور» في ختام «مؤتمر الإصلاح الكنسي» يهاجم البابا شنودة ويصفه بـ «القاسي»

كتب مجدي سمعان ١٧/ ١١/ ٢٠٠٦

فجر مؤتمر «رؤية علمانية للإشكاليات الكنسية» مفاجأة من العيار الثقيل في ختام جلساته أمس الأول، حيث تم توزيع منشور عبارة عن ورقة بحثية موقعة باسم راهب من أحد الأديرة انتقد فيها البابا شنودة انتقاداً عنيفاً، وصل لحد وصفه بـ«القاسي» في أحكامه ضد الكهنة والخدام العلمانيين الذين اختارهم بنفسه، مدعياً أنه «يحكم دون أن يحاكم ويعاقب بدون محاكمة بل ويشهر ويطعن فيمن يعتبره مستوجباً التشهير والطعن حتي قبل أن يحاكمه، هذا إن قدم للمحاكمة».

وأجري الراهب مقارنة في ورقته البحثية بين صورة المنصب البابوي قبل البابا شنودة وبعد توليه رئاسة كرسي «مارمرقس» خاصة بالمقارنة مع البابا يوساب الثاني (١٩٤٦ - ١٩٥٦) الذي وصفه بأنه كان طيب القلب واسع الصدر لمنتقديه، ومتسامحا مع الذين اعتدوا عليه واختطفوه.

وقال الراهب عن «شنودة» في مقارنته: «هو البابا الذي يعزل ويستبعد من مناصب الكنيسة من يراهم ليس فقط معارضين له، بل مجرد متفقين مع من يراهم معارضين وأعداء، وهو الذي ينفرد بإصدار القرارات والأحكام دون وجود مرجعية له بحسب نوع القرار سواء مستشارين أو علماء لاهوت، أو شركاء في الخدمة من الأراخنة العلمانيين وعلي الأخص في المواجهات الصعبة التي تواجه بها مع النظام الحاكم.. وهو الذي يرفض أن يتراجع عن قراراته إذا ثبت أنها خاطئة بالدعوي التي يقولها: لو أنا تراجعت عن قرار ثبت خطؤه فمعني ذلك سيشك الناس في جميع قراراتي».

وذكر الراهب أن البابا بالرغم من ذلك لم يتراجع عن قرارات بل تراجع عن مبادئ سبق وأن نادي بها قبل رهبنته وبعد سيامته أسقفاً للتعليم. وقال لمن سألوه - يقصد البابا - في هذا: «لا يراجعني أحد فيما كتبته وقلته قبل رهبنتي أو بعد سيامتي بطريركاً»

وأوضح الراهب أن من أهم المبادئ التي تراجع عنها البابا شنودة، مناداته بعدم جواز اختيار الأساقفة الذين سبق وضع اليد عليهم لخدمة محددة في طقس رسامتهم ثم هرول بعد نياحة البابا كيرلس السادس ليفوز بالبطريركية متغاضياً عن كونه أسقفاً. واختياره أساقفة شباباً بخلاف القانون الكنسي وتغاضيه عن شرط أن يكون الأسقف فوق الخمسين عاماً.

وأشار إلي أن البابا شنودة عدل أيضاً عن مبدأه بعدم التدخل في غير الخدمة الروحية سواء كان نشاطاً اجتماعياً أو سياسياً، لكنه وبعد انتقاله من أسقفيته ليكون بابا للكنيسة القبطية تغير المبدأ وصار التداخل من جانب السلطة الكنسية ضد السلطة السياسية علي شكل تصادمات، كادت تؤدي إلي ضحايا بين الأقباط، مثل حوادث الخانكة ١٩٧٦، والمواجهة مع الدولة عام ١٩٨١ بمنع التعييد في الكنائس بعيد القيامة المجيد، ثم المظاهرة التي تم تنظيمها للدفاع عن السيدة وفاء قسطنطين التي أشهرت إسلامها وذلك بدعوي أنها اختطفت وأجبرت علي الإسلام أشاعوها وسط الشباب والشعب ليس في مصر فقط وليس في أوساط الأقباط بل في العالم أجمع، مما أساء إلي سمعة الكنيسة القبطية والدولة المصرية معا.

وتساءل الراهب: هل هناك أرضية أو خلفية عقائدية أو لاهوتية تبرر للبابا أن يبدو بهذه الصورة المخالفة، ليس فقط لأبسط حقوق الإنسان في المجتمعات المدنية بل للمبادئ المسيحية في الإنجيل وفي القوانين الرسل الأطهار والمجامع الكنسية؟

و أجاب بأن سلوك البابا الجديد علي الكنيسة القبطية سبقه أو لازمه الترويج لنظرية لاهوتية مستوردة من الكنيسة الكاثوليكية في العصور الوسطي المظلمة، تعطي البابا العصمة في كل ما يعمله وتبرر كل ما كان يعاقب به البابا خلق الله بسبب آرائهم وأفكارهم ولو كانت مطابقة للمبادئ المسيحية.

و أشار إلي أن هذه النظرية جعلت الكنيسة القبطية تتبني رؤية معاقبة «الإكليروس» وعموم الشعب إذا تهاونوا في تكريم وتقديس البابا، والأساقفة إذا تهاونوا في تقديس البابا والأساقفة بأداء السجود تحت أقدامهم بالمخالفة للوصيتين الأولي والثانية من الوصايا العشر بالكتاب المقدس.

و قال الراهب «وفقاً لهذه التعاليم فقد تكاثرت حالات الحكم علي الأساقفة وكهنة وأفراد من الشعب بدون محاكمة عادلة وصل عددهم إلي المئات بطريقة لم تحدث في تاريخ الكنيسة من قبل إلا في عصر الاضطهاد من البيزنطيين للأقباط، لعدم قبولهم قبول عقيدة مجمع خلقيدونية في القرن الخامس الميلادي»، مشدداً علي أن هذا الفكر الذي تسلل إلي الكنيسة تصادم مع التعاليم الإنجيلية وتعاليم آباء الكنيسة القديسين وتقاليد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في معاملة الشعب والكنيسة وفي مواجهة التجاوزات القانونية، إذ أصبح مقياس كل شئ بناء علي الهالة من العصمة التي أحاطت بحضرات النيافة والقداسة، وأصدمت مع ما تسلمته الكنيسة من الآباء القديسين.

وأضاف: ومن بين ذلك إنكار عقيدة حلول وسكني الروح القدس في المؤمنين وإنكار وتشويه عقيدة «الإفخارستية» بقوله: نحن نتحد بناسوت السيد المسيح وليس بلاهوته وهو ما يتناقض مع تعاليم الكنيسة الأرثوذكسية، وهي تعاليم سبق ورددها البطريرك نسطور (القرن الخامس) المحكوم عليه بالهرطقة.

وفسر الراهب رفض البابا شنودة الاعتراف قائلا «السبب في هذا هو تسويغ السيطرة علي جموع المؤمنين الذين هم بحسب نظرية «أنسلم» عبيد والده لا حقوق لهم عند الله، متسائلاً: كيف تتعامل السلطة البابوية بفكرة السيادة مع من يحمل المسيح ابن الله في داخل جسده وروحه؟!

و أكد أنه لا يناقش قضايا لاهوتية في ورقته بل ينبه إلي مساس البابا بالعقائد الأساسية التي يؤمن بها الأقباط علي مدي ٢١ قرناً ولم يحدث أن مسها أحد طيلة هذه القرون، إلي أن بدأ قداسة البابا بطرحها بهذا الأسلوب الخطير والمنهج السلبي الذي يتلخص في مشاعر وكلمات المناقضة والهجوم والتسفيه والغضب والتهديدات التي تلازمت مع المحاضرة التي خصصها البابا شنودة علي مدي ٤ سنوات للهجوم علي شخص واحد هو الأب متي المسكين، ثم تسلم الرسالة منه المطران بيشوي بأسلوب هجوم شرس.

وطالب الراهب الشعب القبطي الأرثوذكسي بالوقوف في وجه كل من يتطاول علي تعاليم الإنجيل وعقائد الكنيسة الأرثوذكسية، وأن يمنع المتطاول علي التهكم علي الإيمان الأرثوذكسي.

إلي ذلك حضر المؤتمر اللواء نبيل لوقا بباوي «عضو مجلس الشوري» - الذي كان من معارضي إقامته - ودار حوار بينه وبين منظمي المؤتمر، حيث أكد بباوي أنه يرفض مناقشة مشكلات الكنيسة خارجها، غير أنه أبدي إعجابه بالأسلوب العقلاني والديمقرطي الذي أدارت به قيادة الجلسات المؤتمر، مشيراً إلي أنه وجد امتثالاً للبابا شنودة.

وأكد أن الاختلاف في الرؤي لا يفسد للود قضية، مبدياً تحفظاته علي بعض الأشياء منها إصرار منظمي المؤتمر علي عقده متزامنا مع عودة البابا شنودة بعد إجراء عملية جراحية، وأيضا في نفس يوم الاحتفال بعيد جلوس البابا وهو أمر لا يصح.


No comments: